قصص وحكايات:أم سليم الديك


عجيب أمر أم سليم ترى ،مالها وللديكَ!؟
قلتها وأنا أرى من نافذتي مشهذا أثار ضحكي وقلقي :أم سليم الطاهية تطارد الديك،وفي يدها عود يابس طويل.والديك أمامها هاربا،فاتحا جناحيه يكاد يطير،والدجاجات ينفرن من هنا وهناك زاعقات،مولولات.وأم سليم تتعثر بأذيال رداء كالغيمة السوداء.يكاد منديلها العريض يقع عن رأسها.وتلوح بالعود في الهواء وتلعن وتشتم،وتدعو على الديك بالذبح والموت والحريق.حتى إذا قفز الديك إلى السياج الحديقة ومن إلى غصن اللوزة العالية ولاذت كل دجاجة بجناح أختها، عادت أم سليم لاهثة، خائرة القوى،وقبعت في زاوية المطبخ،تمسح بكمها العرق المتصبب من جبينها المتغضن.وسمعتها تقول لصاحبة الدار بعد أن انتهت المعركة اليومية:دخلت ياستي،هلكني الديك،بيصيح قبل طلوع الضو ليش ما بتذبحوه؟
ورحت للمرة الأولى أحدق إلى أم سليم.إنا امرأة قبيحة حقا هزيلة كالجراد،طويلة كعصا الناطور،ضامرة لا خصر لها ولا صدر ولاعنق.ولها عينان صغيرتان،انحصرت في بريقهما بقية الحياة الباقية في هذا الجسم المتهدم،أما وجهها، فتجعدات كأنها أثلام في لأرض جرداء.
...في تللك اللحظة سمعت صياح الديك فنظرت إلى الحديقة فرأيته عاد بين الدجاجات وهو أكثر زهوا.
إنه في الحق ديك جميل،يكاد يعلو الأرض شبرين،رصاصي اللون عالي الذنب،مرفوع العنق،يتوج رأسه عرف أحمر عريض.هاهو يتبخر،وينظر بين الحين والاخر إلى باب المطبخ نظرات الخائف الحذر.
فجأة رأيت أم سليم تندفع نحو الحديقة فناديتها بصوت عال فجمدت في مكانها ثم جاءت إلي وأطراف  شفتيها ترتعش، ولحظت أنها تريد أن تقول شيئا،فقلت لها من فوري:إن هذا الديك يضايقني يا أم سليم.فانرجت أساريرها، وبرقت عيناها، وراحت تشكو إلى الديك.
تأليف:خليل تقي الدين
رسوم:عبد الكريم العاجي
شرح الكلمات الصعبة:
خائرةالقوى: منهكة متعبة جدا.
المتغضن:المجعد.
الجرادة:حشرة تقضي على المزروعات.
ضامرة:قليلة اللحم، هزيلة.
الاثلام:ج ثلم: شقوق في الأرض.
إنفرجت اساريرهاك إبتسمت.

أصدقاء(سما أطفال)
تعليقات Facebook
0تعليقات Blogger